مكاسب الدولار المحدودة- بيانات اقتصادية قوية وترقب الفائدة

شهد الدولار الأمريكي أسبوعين متتاليين من المكاسب، مستعيداً بعضاً من الخسائر الفادحة التي مني بها منذ بداية العام الحالي، وسط بيانات اقتصادية أثارت التساؤلات حول إمكانية قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة قريباً.
على الرغم من تراجع مؤشر قوة الدولار الأمريكي مقابل العملات الأخرى يوم أمس، إلا أنه حقق ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة تقدر بنحو 1.3% منذ السابع من شهر يوليو الجاري، وهو أفضل أداء له على مدى أسبوعين متتاليين خلال العام الحالي. ومع ذلك، لا يزال الدولار منخفضاً بنسبة تقارب 8% منذ بداية العام الحالي، وذلك بعد النصف الأول الصعب الذي مر به.
تسارعت وتيرة المكاسب بعد ظهور سلسلة من البيانات الاقتصادية التي تعكس قوة في الإنفاق الاستهلاكي وسوق العمل الذي لا يزال محافظاً على تماسكه. كما ظهرت إشارات مبدئية تدل على انتقال الرسوم الجمركية التي يفرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى أسعار المستهلك.
نتيجة لذلك، قام المضاربون بتقليص رهاناتهم بشأن الموعد الذي سيبدأ فيه الفيدرالي بتطبيق سياسة التيسير النقدي، حيث تُظهر عقود مقايضة أسعار الفائدة احتمالاً بنسبة 58% بأن يكون أول خفض للفائدة في شهر سبتمبر القادم.
نظرة على بيانات الاقتصاد الأمريكي
أوضحت سكايلا مونتغومري كونينغ، الخبيرة في استراتيجيات العملات في بنك "باركليز": "لقد تلقى الدولار الأمريكي هذا الشهر دعماً قوياً من مزيج من البيانات التي تشير إلى قوة النشاط الاقتصادي بالإضافة إلى المؤشرات الأولية التي تفيد بأن الرسوم الجمركية قد بدأت تتسلل إلى التضخم في الولايات المتحدة. هذه المعطيات تجعل من الصعب للغاية تبرير اتخاذ بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لسياسة تميل نحو التيسير النقدي".
قام كريستوفر والر، محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، يوم أمس بتكرار موقفه الداعم لخفض الفائدة خلال الشهر الجاري، مما أدى إلى ارتفاع سندات الخزانة، خاصة السندات قصيرة الأجل، وتراجع قيمة الدولار الأميركي. ومع ذلك، حافظ المضاربون على احتمالية إجراء خفض للفائدة في يوليو الحالي عند مستوى قريب من الصفر.
في تطور لاحق، كشفت بيانات صدرت يوم أمس عن لجنة تداول العقود المستقبلية للسلع أن مجموعة من المضاربين غير التجاريين، بمن فيهم مديرو الأصول ومضاربون آخرون، قد قاموا بزيادة رهاناتهم على الدولار الأميركي خلال الأسبوع المنتهي في 15 يوليو الجاري. ويحتفظون الآن بمراكز استثمارية تقدر بنحو 17.5 مليار دولار مرتبطة بتراجع الدولار الأمريكي، وهو انخفاض طفيف من حوالي 18.6 مليار دولار في الأسبوع الذي سبقه.
ومع ذلك، تشير تسعيرة عقود الخيارات إلى مكاسب محدودة للدولار الأمريكي خلال الفترة المتبقية من عام 2025 وما بعده. وقد تحول مؤشر التقلبات الضمنية لمدة 6 أشهر إلى النطاق الإيجابي قبل حوالي أسبوع، مما يعني أن المضاربين أصبحوا يدفعون مبالغ أكبر للحصول على عقود خيارات شراء تراهن على صعود الدولار الأمريكي، مقارنة بعقود خيارات البيع التي تراهن على انخفاض قيمة العملة الأمريكية.
نظرة على سندات الخزانة
في غضون ذلك، انخفضت عائدات سندات الخزانة لجميع الآجال، وسجلت أدنى مستوياتها خلال الجلسة بعد أن قام والر، عبر شاشة تلفزيون "بلومبرغ"، بمناقشة الحجج التي طرحها في خطاب ألقاه قبل يومين في نيويورك، حيث صرح بأن خفض الفائدة يعتبر مبرراً في ظل ظهور مؤشرات مبكرة على ضعف سوق العمل. كما صرح والر بأنه سيوافق على تولي منصب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي خلفاً لجيروم باول إذا طلب منه ذلك، لكنه أكد مجدداً أنه لم يتلق أي اتصال بهذا الشأن.
استقر عائد السندات لأجل عامين -الأكثر حساسية للتغيرات في السياسة النقدية لبنك الاحتياطي الفيدرالي- عند مستوى أقل بنحو 4 نقاط أساس ليبلغ 3.87%.
على الرغم من أن التغيرات في عائدات السندات خلال الأسبوع كانت محدودة، إلا أن منحنى العائد شهد انحداراً ملحوظاً، حيث تجاوز الفرق بين عائدات السندات لأجل 5 سنوات وتلك لأجل 30 سنة حاجز 100 نقطة أساس. ويعزى هذا التحرك إلى المؤشرات التي تفيد بأن ترمب قد يعزل باول، الذي يرى، إلى جانب معظم مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي الآخرين، أن المستوى الحالي للفائدة مناسب، وذلك استناداً إلى التوقعات التي تشير إلى أن الرسوم الجمركية المفروضة هذا العام ستؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة.
أشار خبراء استراتيجيون لدى بنك "جيه بي مورغان تشيس آند كو" بقيادة جاي باري: "حتى في ظل نفي الرئيس ترمب لوجود أي خطط عاجلة لعزل باول، فإن حالة عدم اليقين لا تزال مرتفعة، ومن المرجح أن تساهم في استمرار تداول السندات طويلة الأجل بأقل من قيمتها الاسمية".